الأوركيديات تنبت من الخشب المتحلل بفضل الفطريات
مقدمة :
كشفت دراسة أجراها علماء من جامعة كوبي (Kobe University) أن نباتات الأوركيد تعتمد على الفطريات التي تقوم بتحليل الخشب خلال مراحل إنباتها، حيث تمتص الكربون الناتج من جذوع الأشجار المتحللة. يبرز هذا الاكتشاف وجود مسار كربوني خفي في نظم الغابات ويذر الضوء على كيفية تطور الأنواع من الأوركيد التي تعتمد بشكل كامل على هذه الفطريات.
خصائص بذور الأوركيد المميزة :
تعتبر بذور الأوركيد صغيرة جدًا، مثل جزيئات الغبار، ولا تحتوي على أي عناصر غذائية تساهم في نمو النباتات الصغيرة. تعتمد النباتات الناضجة على نوع معين من الفطريات التي تشكل هياكل داخل جذور النبات، ولكن لم يتم التأكيد على أن هذه الفطريات نفسها تدعم أيضًا مرحلة الإنبات.
التحديات في البحث :
يبين كينجي سويتسوجو، عالم البيئة التطورية للنباتات في جامعة كوبي :
" أن دراسة إنبات الأوركيد في بيئتها الطبيعية تمثل تحديًا كبيرًا. تحديدًا، الطرق الصعبة اللازمة لاستخراج الشتلات من التربة تفسر سبب تركيز العديد من الدراسات السابقة على الجذور الناضجة فقط، حيث يكون أخذ عينات الفطريات هناك أسهل. "
الملاحظة الأولية :
خلال العمل الميداني، رصد فريق سويتسوجو نمطًا غير عادي. ويقول:
"لاحظنا بشكل متكرر وجود شتلات ونباتات ناضجة ذات هياكل جذرية غير ناضجة قرب جذوع الأشجار المتعفنة، بدلاً من أن تكون موزعة عشوائيًا في الغابة. هذا النمط المتكرر حفزنا لاختبار ما إذا كانت الفطريات المرتبطة بالأخشاب الميتة تدعم بدايات الأوركيد. "
تعتبر هذه الهياكل الجذرية غير الناضجة، التي تأخذ شكل الشعب المرجانية، بمثابة عضو للشتلة محفوظ حتى مرحلة النضج، وغالبًا ما ترتبط بالفطريات التي تحلل الخشب بدلاً من تلك الموجودة في نباتات الأوركيد الناضجة التي تفتقر إلى هذه الهياكل.
التجربة :
أفاد فريق من جامعة كوبي في دارسة نشرت في مجلة "Functional Ecology" أنهم عندما زرعوا بذور أربعة أنواع مميزة من الأوركيد في أماكن متنوعة داخل الغابة، لم يروا انباتاً إلا بالقرب من جذوع الأشجار المتحللة، ووجدوا أن الشتلات كانت مرتبطة إلى حد كبير فقط بالفطريات التي تقوم بتحليل الخشب.
النتائج المذهلة :
صرح سويتسوجو قائلا :
ً "تفاجأنا بمدى حصرية وتماسك هذه العلاقات الفطرية. هناك توافق مثالي تقريباً بين الفطريات التي تتصل بها شتلات نوع معين من الأوركيد وتلك الموجودة على النباتات البالغة التي لها جذور على شكل مرجان من نفس النوع. نعتقد أن النباتات التي تفتقر إلى الجذور المرجانية تميل إلى التحول إلى فطريات مختلفة مع زيادة احتياجاتها الغذائية خلال نموها، وعندما ينضب مصدر الكربون الذي تؤمنه للجذوع المتعفنة. "
بين الأقارب من نباتات الأوركيد التي بحث فيها فريق جامعة كوبي، هناك العديد من الأنواع التي تطورت بشكل مستقل لتصبح تعتمد بشكل كامل على الفطريات (mycoheterotrophy)، مما يعني أنها تخلت عن عملية التمثيل الضوئي وتقوم بدلاً من ذلك بتغذيتها على الفطريات طوال حياتها.
قال سويتسوجو: "إن ميول هذه النباتات للحفاظ على ارتباطها بالفطريات المحللة للأخشاب حتى تصل إلى مرحلة النضوج قد سهل تطورها نحو الاعتماد الكامل على الفطريات. "
أهمية الحفاظ على البيئة :
يضيف سويتسوجو:
"بالنسبة للحفاظ على البيئة، تعني نتائجنا أن حماية الأوركيد في البرية لا تنفصل عن حماية الأخشاب الميتة والفطريات الخاصة بها."
الكشف عن أسرار الطبيعة :
"بالنسبة للعلوم البيئية، تكشف نتائجنا عن مسار كربوني خفي من الأخشاب الميتة إلى النباتات الخضراء، مما يفسر كيف يمكن للشتلات أن تؤسس نفسها في أرضيات الغابات المظلمة."
رسالة ختامية :
"وتظهر النتائج أن الأخشاب الميتة ليست ميتة - إنها مهد للحياة الجديدة."